أخبار المسرح
كيف نسامح أنفسنا؟ بين رمزية المرأة وحكاية الأرض / د.عماد هادي الخفاجي
ضمن فعاليات الدورة الخامسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية، شهد مسرح الريو يوم 27 نوفمبر 2024 تقديم العرض المسرحي الإماراتي (كيف نسامحنا) من إخراج محمد العامري وتأليف إسماعيل عبد الله ، الذي استطاع أن يقدم تجربة إنسانية عميقة تدمج بين فن المقاومة ومساءلة الذات الجمعية.
اتسم العرض برؤية إخراجية مبتكرة وظفت الرموز والدلالات بصورة تخدم النص بشكل واضح ومؤثر، لذلك تمحور العمل حول فكرة المحاكمة الرمزية التي تُخاطب الضمير الجمعي، حيث تساءل العرض كيف نسامح أنفسنا؟ في إشارة إلى المسؤولية الجماعية عن المآسي التي يعاني منها البشر نتيجة للتقصير والصمت، فالمرأة في العرض لم تكن مجرد شخصية عابرة، بل كانت رمزا للأرض، تمثل الكرامة والصمود في وجه القهر والاستحواذ وان هذا الإسقاط يجعل العرض يتقاطع بوضوح مع القضية الفلسطينية، حيث المرأة الفلسطينية رمز دائم للمقاومة والنضال ضد الاحتلال، وحامية للأرض والهوية.
إن القضية الفلسطينية ليست بعيدة عن روح العرض، بل تتجلى في دلالاته العميقة التي تعبر عن معاناة الشعوب المقهورة، وخاصة الشعب الفلسطيني، فالمرأة الفلسطينية، مثل الشخصية الرمزية في العرض، لم تقبل يوما بالخضوع، وكانت في الخطوط الأمامية، تدافع عن حقوقها وحقوق شعبها بكل شجاعة وإصرار، وان هذه المقاربة تجعل العمل يتجاوز كونه مجرد مسرحية ليصبح بيان فنيا يناصر قضايا الشعوب المظلومة ويدعو إلى مراجعة الذات.
تميز النص بحمولته الشاعرية التي جعلت من الأحداث أداة للتعبير عن أعمق المشاعر الإنسانية، وجاء الأداء التمثيلي ليُثري النص، حيث برع الممثلون في تجسيد الشخصيات وصراعاتها الداخلية والخارجية، مما جعل الجمهور جزءا من هذه التجربة الفريدة اما الإخراج فلم يكن بعيدا عن هذا الإبداع، إذ أُحسن استخدام الإضاءة والديكور والصوتيات لتعزيز التأثير البصري والرمزي للمشاهد، مما أكسب العمل طابعا إنسانيا عميقا.
(كيف نسامحنا) عرض يعكس بوضوح فن المقاومة ومساءلة الذات، وهو يفتح المجال أمام الجمهور للتفكير في مسؤولياته تجاه قضاياه الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تشكل رمزا عالميا للصمود والنضال، فمن خلال رمزية المرأة كتمثيل للأرض، استطاع العرض أن يثير تساؤلات عميقة ويدعو إلى مراجعة شجاعة للضمير الجمعي.