السينما العالمية

“حياة الماعز”.. رسالة إنسانية تنتصر فيها الروح البشرية على الشدائد : علي المسعود

الفيلم يقدم صورة مشوهة للإنسان العربي القاسي بلا رحمة.

يثير الفيلم الهندي “حياة الماعز” جدلا واسعا خاصة لدى الجمهور العربي، حيث يصور الفيلم حياة لاإنسانية لعامل هندي في صحراء السعودية، وفي ما يراه البعض رسالة إنسانية مؤلمة وكشفا للحقائق، يراه آخرون تشويها للإنسان العربي، وبين هذا وذاك فإن العمل منسوج بعناية فائقة كما سنرى.

“حياة الماعز” أو أدوجيفيثام، فيلم باللغة الماليالامية  الهندية يصور محنة فقراء الهند الذين يسعون لطلب الرزق في الخليج العربي. الفيلم مستوحى من محنة حقيقية لرجل هندي استُعبد في السعودية، ويستند على رواية كتبها الروائي دانييال بنيامين باللغة الماليالامية التي يتحدث بها سكان ولاية كيرالا، وهو من إخراج باليسي، الذي اشتغل على سيناريو الفيلم حوالي 16 سنة.

يجسد الفيلم قصة المهاجر الهندي (نجيب) إلى السعودية في ظل انتشار العمالة الهندية في بلاد الخليج العربي. ومن الجدير بالذكر، هناك أكثر من مليوني هندي من ولاية كيرالا ينحدرون من أسر فقيرة، هاجر منهم ما يقرب من 90 في المئة إلى دول الخليج ويعيشون في ظل نظام الكفالة في هذه البلدان. تصوير الفيلم استغرق خمس سنوات ومحطات التصوير كانت بين الأردن والجزائر وكيرالا.

الوضع اللاإنساني

 

فيلم يصور محنة فقراء الهند الذين يسعون لطلب الرزق في الخليج العربي
فيلم يصور محنة فقراء الهند الذين يسعون لطلب الرزق في الخليج العربي

 

 تدور أحداث الفيلم حول نجيب الهندي الذي سافر إلى دولة خليجيّة للعمل لتوفير حياة أفضل لعائلته ومن دون أن يعرف وسيلة للتواصل مع الآخرين، ولا يجيد التحدّث بلغة غير لغته، يصل إلى السعودية،  فيجد نفسه في مكان معزول عن العالم، في صحراء مترامية الأطراف، يعمل راعيًا للأغنام في القفار تحت رحمة رجل قاس وغليظ القلب.

وصل نجيب إلى المطار للعمل مع صديقه حكيم، وما إن وصل لم يجد أحدا من الشركة التي كان يجب أن يعمل بها في انتظاره، كان موعودًا بإقامة فندقية واستقبال في سيارة خاصة، وفي نفس الوقت نجد رجلا سعوديا أدى دوره الممثل العماني طالب محمد البلوشي، يبحث عن أشخاص قادمين لكنه حينما لم يجد أحدا، عثر على نجيب مع صديقه حكيم. يأخذ منهما الجوازات ويخطفهما بسيارته (بيك أب)، كانا يعتقدان أنه الكفيل للعمل الجديد، لكن ينتهي بهما الأمر في صحراء رعاة للجمال والماعز بعد فصلهما عن بعض. يوزع كل واحد منهما في حظيرة حيوانات في وسط الصحراء. يتم إنزال نجيب في منطقة مهجورة مع رجل بدوي يستعبده ويتحكم به. وليس لديه طريقة للتواصل مع أيّ شخص خارجها، دون لغة ثانية غير الماليالامية .

 يعامل نجيب بطريقة وحشية من قبل رئيسه البدوي (طالب) ويحكم عليه بالاعتناء بالماعز والإبل في الصحراء النائية، ويصبح أيضا شبيها بالحيوان في المظهر والسلوك، ومن هنا تبدأ حكاية العبودية والاضطهاد والظلم حتى هروبه صحبة صديقه حكيم بمساعدة خضيري، الرجل الصومالي، ولكن نجيب يفجع بموت صديقة حكيم وسط الصحراء ونجاته. تجربة نجيب تتخللها ذكريات زوجته ساينو (أمالا بول). كما تكشف ذكريات الماضي عن القرية الساحلية التي استبدلها نجيب بالصحراء. التناقض بين الأراضي الخضراء الخصبة في وطنه الأم والصحراء القاحلة في الغربة تتناغم مع أغنية زوجته واستذكاره لها.

يكشف فيلم “حياة الماعز” عن الوضع اللاإنساني الذي تعاني منه العمالة الآسيوية في بعض دول الخليج العربي التي يتحكم بها الكفيل. وصفت منظمات حقوق الإنسان ‏‏نظام الكفالة‏‏ الذي يربط العمال الأجانب بصاحب العمل طوال فترة وجودهم في تلك البلدان، بأنه شكل من أشكال ‏‏العبودية الحديثة‏‏. وغالبا ما تصادر جوازات سفرهم.

تنكشف من خلال سرد الفيلم صور كثيرة مؤلمة لسوء استخدام أصحاب العمل لسلطتهم وممارسة القسوة الشديدة والعنف والجشع والاستغلال في أبشع صوره للعامل الهندي، الذي رهن بيت أسرته كي يتغرب عن بلده، جرياً وراء حلم الحياة الكريمة في موطن النفط والرزق الوفير، والإيفاء بمتطلبات عائلته التي تترقب ما يعوضها عن غيابه عنها. هذا الأمر يجعل هؤلاء العمال صيداً سهلاً للوقوع في فخاخ تجّار البشر المتربّصين بهم.

ويظهر الفيلم، حياة نجيب وهو معزول عن العالم، وحيداً مع سيده يرعي الحيوانات تحت حرارة الشمس الحارقة في الصحراء دون أيّ مقومات للحياة، ويشرب الماء من نفس الحوض الذي تشرب منه حيواناته. بعد فترة، تولّد لدى نجيب شعور بالاستسلام والركون للعبودية واعتبارها الطريق الأسلم للحياة، فأصبح يؤدي العمل الشاق على أكمل وجه، وينفذ طلبات سيده تجنباً لعقوبة قاسية. بدأ يتكيف مع الصحراء محيطه الجديد ويتحاور مع الماعز ويطلق عليها أسماء قريبة إلى نفسه، وصار يستطعم أكل الشعير. في مشهد مؤثر يتوسل نجيب والدموع تنهمر على وجهه وهو يحكي كيف باع كل شيء وتغرب وغادر بلده، كل ذلك سعيا وراء وظيفة موعودة؛ لكن كلماته باللغة الماليالامية لم تجد صدى لدى رئيسه الذي لا يتحدث سوى العربية ولا يفهم حواره.

رسالة الفيلم

فيلم “حياة الماعز” شهادة على الروح البشرية التي لا تقهر وإرادة البقاء على قيد الحياة رغم كل الصعاب

يحمل فيلم “حياة الماعز” رسالة إنسانية مهمة للشعوب التي تستجلب العمالة من الدول الفقيرة للقيام بأعمال مختلفة نظير أجور محددة. في هذه الدول غالباً ما تتغير العلاقة بين صاحب والعامل أو الأجير إلى ما يشبه العبودية والرق، في غياب قوانين العمل وحقوق العمال والمحاسبة عن هذا السلوك اللاإنساني، ما أعاد الصورة القاتمة للعبودية سواء في الحقول أو المصانع أو حتى في خدمة البيوت، هؤلاء الناس ولدوا أحرارا وأحلامهم بسيطة، لذا يجب مراقبة ممارسات الكفيل أو صاحب العمل وسن القوانين التي تضمن إنسانية وحق العمال أو العاملات من المغتربين لا أن تصبح حياتهم مرهونة بضمير صاحب العمل أو إنسانيته.

صور الفيلم الجحيم اليومي الذي كان يعيشه بطل الحكاية (نجيب) خلال يومه الطويل، وهو يعمل 17 ساعة في الرعي وتنظيف الحظائر في المزرعة، ويلقى بنفسه على الرمل للنوم الساعات المتبقية. يظهر نجيب معزولا عن العالم، وحيدا مع سيده وحيواناته، يكتوي بالحرارة الشديدة في صحراء قاسية، ودونما صديق، يشرب الماء من نفس الحوض الذي تشرب منه حيواناته. كلما بلغ به الألم مداه واجتاز تحديا لا حدود له من قسوة الحياة، كان يشبّه تدني أمنياته في نهار الصحراء الحارق عندما تاق لخط ظل تصنعه عصاه التي يهش بها على الماعز، في مشاهد عديدة من الفيلم التي كشفت قسوة الصحراء وفضحت لاإنسانية صاحب العمل عندما يصبح الراعي نجيب بلا اسم وبلا هوية وبلا احتياجات إنسانية وحقوق عمالية.

 يتم استخدام نجيب كعامل رقيق وراع ويتم تكليفه برعاية الماعز ‏‏والأغنام‏‏ والجمال لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة في الصحارى النائية في المملكة العربية السعودية. يجبر على القيام بعمل شاق، ويبقى نصف جائع ويحرم من الماء كي يغتسل. رئيسه أو صاحب المزرعة العربي يتصرف معه بقسوة ووحشية، يسيطر على نجيب بمسدس ومنظار وكثيرا ما يضربه بحزام. يجد العامل نفسه ‏في بلد لا يعرف فيه اللغة أو الأماكن أو الأشخاص، فهو بعيد عن أيّ تفاعل بشري.

أحداث الفيلم تدور حول نجيب الهندي الذي سافر إلى السعودية للعمل لتوفير حياة أفضل لعائلته ليجد نفسه عبدا

يبدأ نجيب بثبات في التعرف على البيئة الجديدة ومحاولة التكيف معها. تبدأ أحلامه ورغباته وآماله في التلاشي حيث أصبحت عقليته الآن مشابهة لعقلية الماعز. يتحدث إليها ويأكل معها وينام معها ويعيش حياة الماعز تقريبا. على الرغم من أنه حاول الفرار عدة مرات، إلا أن المشرف يمسك به في كل مرة ويعاقبه بحرمانه من الطعام والماء. يتوقف عن محاولة الفرار عندما يجد الهيكل العظمي للراعي السابق مدفونا في الرمال، والذي اعتقد أنه هرب. حتى ذلك الحين، ظل محتفظاً ببصيص أمل سيجلب الحرية له وينهي معاناته يوما ما. وكانت الرسالة المهمة التي يبوح بها الفيلم وسرد حكايته المؤثرة  تتلخص في دعوة الرجل الصومالي إبراهيم خضيري (ويقوم بدوره الممثل جيمي جان لويس) لنجيب من أجل خلاصه “يجب أن تسير، وتستمر في السير حتى تموت”.

أخيرا في إحدى الليالي بمساعدة إبراهيم خضيري، وهو عامل ‏‏صومالي‏‏ يعمل في المزرعة المجاورة، يقرر نجيب وخضيري وصديقه حكيم الفرار من تلك الحياة الرهيبة. لكن الثلاثي يتخبطون في الصحراء لعدة أيام، ويموت الشاب حكيم من العطش والتعب. لكن إبراهيم خضيري ونجيب يواصلان المضي قدما، ويعثران على واحة حيث يتمكنان من أخذ قسط من الراحة لبضعة أيام. في اليوم الذي خططوا فيه للبدء في التحرك مرة أخرى، اختفى إبراهيم تاركا نجيب وشأنه.

 إبراهيم خضيري الرجل الأفريقي الذي رافق نجيب خلال هذه المحنة كان محور الدعم النفسي والجسدي لنجيب. وهو يعكس القدرة على البقاء في أصعب الظروف، وفي نفس الوقت، يعلّم نجيب دروسًا في الصبر والقوة. ومع ذلك، فإن الفيلم يحمل تطورا مثيرا: في لحظة حاسمة، يختفي إبراهيم فجأة، تاركا خلفه ماء لنجيب كآخر فعل من التضحية والرفقة.

في البداية، تمكن نجيب بطريقة ما من العثور على الطريق الرئيسي، حيث بعد يوم من المحاولة، توقف له عربي لطيف ورحيم، يركبه في سيارته رغم قذارة ملابسه وجسمه، ويوصله إلى كونجيكا، وهو رجل هندي ماليالي يساعد اللاجئين. يقص شعره وينظفه، ثم يعالجه كونجيكا ويعيد صحته ويتصل أخيرا بمسقط رأسه.

بمجرد أن بدأ نجيب يشعر بتحسن، ألقت الشرطة ‏‏المدنية‏‏ القبض عليه من أجل ترحيله إلى الهند مع حميد، الذي التقى به أثناء وجوده مع كونجيكا. ‏‏يتم احتجاز‏‏ نجيب في سجن لفقدانه أوراق ثبوتية من جواز السفر أو أوراق الإقامة، وفي النهاية، يدرك نجيب أنه اختطف في المطار واستخدم كعبد، بينما كانت التأشيرة لوظيفة أخرى في شركة أخرى. ‏في غضون أسابيع قليلة، علم أنه سيتم ‏‏ترحيله‏‏ إلى الهند من قبل السلطات السعودية. يشعر بالنشوة مودعا زملاءه السجناء ويستقل الطائرة مع العديد من المرحلين.

من خلال سرد الفيلم تنكشف صور كثيرة مؤلمة لسوء استخدام أصحاب العمل لسلطتهم وممارسة القسوة الشديدة والعنف والاستغلال

يستحق التصوير السينمائي لسونيل كانساس الثناء، اللقطات الواسعة للتضاريس الصحراوية الواسعة، دقة الصورة السينمائية، ومشاهد الصحراء التي جرى تصويرها بصحراء وادي رم في الأردن وصحراء الجزائر، إضافة إلى المشاهد التي صوّرت في كيرالا بالهند كانت غاية في الإبهار والجمال. هناك العديد من المشاهد التي تبرز قسوة الصحراء وجمال تضاريسها في نفس الوقت، مشهد البحث عن قطرة ماء، أو مشهد  العاصفة الرملية التي راح ضحيتها حكيم صديق نجيب.

 قدم  الممثل بريثفيراج سوكوماران أداء غير عادي في دور نجيب. لقد دخل في جلد الشخصية – حرفيا –  لتجسيد شخصية الوافد نجيب، وتجب الإشادة بالتزامه بفقدان الوزن إلى إطلاق لحيته وشعره الأشعث وأسنانه السوداء وأظافره القذرة، ويشارك في الفيلم الممثل العماني طالب بن محمد البلوشي، وعن دوره قال البلوشي “دوري في هذا العمل بدوي يعيش في الصحراء بين أغنامه وإبله، علَّمته الصحراء جلف الطباع والجسارة والتعامل مع الطبيعة كيفما تتلون بكافة صعوباتها، حرها الشديد، بردها القارس، رياحها العاتية، حيواناتها الخطرة، لذلك تجدون طبعي في العمل عنيف التعامل مع الوافد الذي وصل بالخطأ إلى عالمي حسب مجريات الأحداث وهو المختلف كليا، فتجري المجريات كيفما تشتهي الرياح خصوصا محاولات هروب الوافد”.

في جوهره فيلم “حياة الماعز” شهادة على الروح البشرية التي لا تقهر وإرادة البقاء على قيد الحياة رغم كل الصعاب. من خلال رحلة نجيب نشهد انتصار الروح البشرية على الشدائد، حيث يجد العزاء والقوة في رفقة ماعزه المحبوب. يستكشف الفيلم مواضيع المرونة والمثابرة والرابطة الدائمة بين البشر والحيوانات، مما يترك تأثيرا عميقا على المشاهد.

لا يركز الفيلم فقط على البقاء الجسدي ولكن أيضا على الرحلة العاطفية والمرونة والتكيف. رواية الكاتب دانييال بنيامين هي جزء من أدب الهجرة مترامي الأطراف في ولاية كيرالا، الذي يشارك ويوثق ويدرس حياة المهاجرين الماليالاميين الذين انتقلوا إلى منطقة الخليج في أوائل السبعينات بعد طفرة النفط.

القدرة على البقاء

 

ممثل أتقن تحولات الشخصية بشكل مذهل
ممثل أتقن تحولات الشخصية بشكل مذهل

 

تجاوزا للملاحظات الاجتماعية والسياسية المتأصلة، تعد حكاية “حياة الماعز”، أولا وقبل كل شيء، قصة شخصية عميقة لرجل من الطبقة العاملة وفد نجا من الخداع والاختطاف والعبودية في المشهد الصحراوي اللانهائي خلال التسعينات. بالاعتماد على ذكرياته، يكشف الوجه المظلم للهجرة الاقتصادية حيث تذبل أجساد أفراد الطبقة العاملة من أجل عائلاتهم في الوطن.

رغم أني أرى نموذج الإنسان العربي القاسي والذي لا يحمل في قلبه رحمة أو ذرة من الإنسانية صورة مشوهة فمن المؤكد هنالك الكثيرون من الخيرين الذين أكرموا الوافدين الذين حملوا ذكريات جميلة في تلك الدول عن أهلها وطيبتهم وكرمهم.

 قصة الاستثمار الجاد للممثل النجم بريثفيراج سوكوماران في الفيلم، فلقد ألقى 30 كيلوغراما من وزنه للعب دور عبد الصحراء الجائع والمعذب، إنه أمر مذهل، جسده هو عنصر محوري في الفيلم الذي يركز على رجل يتأرجح على حافة الحياة لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة. في الواقع، عاد نجيب مرة أخرى إلى الخليج وعمل في البحرين لمدة ثلاث سنوات، بل إنّ ابنه نبيل يعمل حاليا في الوادي الكبير في مدينة مسقط.

 “حياة الماعز” هي استكشاف جميل للاتصال البشري الذي يتجاوز الحواجز الثقافية.

‏يبدأ الفيلم بلقطة لنجيب والماعز وهو يشرب معها الماء من نفس الخزان. إنها صورة بصرية قوية تنقل الخطوط الواضحة لعلاقة الإنسان (نجيب) ومجموعة الماعز بعد أن عاش بينها لفترة طويلة، أصبحت حياة الرجل الآن تشبه حياة الماعز. يطور نجيب رابطة جميلة بشكل غريب مع الماعز.

في وقت مبكر من الفيلم، نراه  يتوسل إلى عنزة ألا تركله أثناء حلبها. وفي مشهد آخر، نرى الماعز يلتف حول نجيب كما لو كانت تقدم المواساة والتعاطف بعد أن كسر صاحب المزرعة العربي ساقه عند محاولة هروبه. لكن لا يسع المشاهد إلا أن يتمنى لو أن الفيلم كان لديه المزيد من هذه اللحظات الدافئة للتأكيد على العلاقة بين نجيب والماعز.

 تكمن قوة الفيلم في تمكنه من تصوير قدرة الروح البشرية المذهلة على البقاء. رحلة نجيب هي واحدة من المصاعب الهائلة، يقابلها توازن المخرج باليسي ببراعة هذه اللحظات مع لمحات من الأمل والقوة الهادئة التي تظهر من الداخل. لا تصبح المناظر الطبيعية الصحراوية الشاسعة، التي تم التقاطها من قبل  المصور السينمائي سونيل كي مجرد خلفية ولكن شخصية في حد ذاتها. وتعكس تلك  التضاريس التي لا ترحم نضالات نجيب وتوقه إلى الحرية وكسر قيد عبوديته.

يحتفل الفيلم بقوة الاتصال البشري، ويذكرنا بأننا لسنا وحدنا في صراعاتنا. يلتقط أيضا بشكل جميل الحقائق القاسية للعمال المهاجرين والمعاملة اللاإنسانية التي يواجهونها في الكثير من الأحيان. المشاهد الوحشية لسوء معاملة نجيب وإساءة معاملته على أيدي صاحب العمل مؤلمة للقلب وتترك المشاهد يشعر بالغضب والعجز. إنه يسلط الضوء على قضية مهمة غالبا ما يتم تجاهلها.

 

المصدر : العرب

محمد سامي

محمد سامي مسؤول النشر بموقع كواليس 24 - عضو نقابة الفنانين العراقيين - وعضو آتحاد المسرحيين العراقيين ييعمل لدى مركز روابط للثقافة والفنون ومحرر في موقع الخشبة و موقع الهيئة العربية للمسرح مسؤول تنظيم مهرجان بغداد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى