المؤلف المسرحي عبداللطيف فردوس يقابل بين الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي
"الدكتور فاوستوس أسطورة الإنسان الذي…" تجربة جديدة في الكتابة المسرحية باعتبارها تمّت بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
لم يتخل المؤلف المسرحي المغربي عبداللطيف فردوس عن إسهاماته المهمة التي تثري المكتبة المسرحية العربية بدراسات ونصوص في فن المسرح، وهو يحاول جاهدا مواكبة كل التطورات في أبي الفنون والتطورات التكنولوجية ومدى تأثيرها وتأثرها بالإبداع المسرحي.
وصدر حديثا للمؤلف عن مؤسسة للدراسات والنشر والاتصال، منجز جديد تحت عنوان “الدكتور فاوستوس أسطورة الإنسان الذي…”، مرفوقا بنص مواز له بمساعدة الذكاء الاصطناعي قامت به المهندسة الشابة فاطمة الزاهيري.
ويشكل هذا العمل المسرحي، بحسب دار النشر، تجربة جديدة في الكتابة المسرحية باعتبارها تمّت بمساعدة الذكاء الاصطناعي، حيث أبى المؤلف فردوس إلا أن يتقاسم معنا انشغاله وقلقه واختباره الإبداعي المتعلق بمعرفة الحدود بين التأليف الأدبي البشري والتركيب الأدبي الاصطناعي.
وحسب المصدر ذاته، فقد أنتج فردوس نصا مسرحيا في شروط ذاتية وموضوعية إنسانية في مواجهة نص آخر نسجه برنامج للذكاء الاصطناعي، “فجاءت النتيجة نصين مسرحيين موضوعهما واحد، لكنْ هيكلاهما اللغويان والدلاليان متباينان ويعكسان أوجه اختلاف متنوعة”.
ويتعلق النص الأول بمنجز بشري يتميز بحرية أكبر في اللعب باللغة، وإنتاج أشكال تعبيرية مستحدثة، وتشكيل صور مولدة، والنزوع نحو بناء نص مسرحي تجريبي متحرر من خطاطات الكتابة المسرحية التقليدية.
أما النص الثاني، فيمثل منجزا آليا يتبدى أكثر اكتمالا ونضجا وعمقا وسلامة في التركيب، ودقة في صياغة العناوين وبناء الجمل والفقرات، وأكثر شساعة في التضمين والتناص مع نصوص مسرحية وفلسفية وشعرية استلهمت موضوعة الإنسان في علاقته بالشيطان.
وقال فردوس إن كتابة المسرحية انطلقت من قصة أسطورة فاوست الذي باع نفسه للشيطان، حيث “وضعت على نفسي سؤالا: لو كان فاوست في القرن الـ21 لمن سيبيع نفسه؟ وماذا سيطلب كمقابل؟ فجاء الجواب عن تساؤلي بأنه سيبيع نفسه للآلة، وسيطلب مقابل ذلك سلطة مطلقة”.
فاوست أو فاوستوس هو الشخصية الرئيسية في الحكاية الألمانية الشعبية عن الخيميائي الألماني الدكتور يوهان جورج فاوست الذي يحقق نجاحا كبيرا ولكنه غير راضٍ عن حياته فيُبرم عقداً مع الشيطان يسلم إليه روحه في مقابل الحصول على المعرفة المطلقة وكافة الملذات الدنيوية.
أصبحت هذه القصة أساسا لأعمال أدبية مختلفة لكتاب مختلفين حول العالم لعل أشهر هذه الأعمال هي مسرحية فاوست لغوته وعمل كريستوفر مارلو، كلاوس مان، توماس مان، كلايف باركر، تشارلز غونود، هيكتور بيرليوز، أريغو بويتو، أوسكار وايلد، تيري براتشيت، ميخائيل بولغاكوف، فرناندو بيسوا ومن العرب علي أحمد باكثير في فاوست الجديد.
فردوس يرى أن الذكاء الاصطناعي يعد بمثابة أسطورة القرن، وهو ما استدعى استحضار أساطير العصور القديمة ومنح شخصياتها أدوارا في هذا العمل المسرحي
واعتبر عبداللطيف فردوس أن الذكاء الاصطناعي يعد بمثابة أسطورة القرن، وهو ما استدعى استحضار أساطير العصور القديمة ومنح شخصياتها أدوارا في هذا العمل المسرحي، بمن فيها إنكيدو الذي ضحى بنفسه من أجل خلود جلجامش، وأوديب الذي أعمت الحقيقة عينيه بعد أن اكتشفها، وسيزيف الذي بقي مخلصا لصخرته يكرر نفسه، ولا أحد ينتبه إليه.
ونقل فردوس عن عبدالسلام لهيابي قوله في تقديمه للمسرحية إن كل الأساطير منذ ما قبل التاريخ إلى الإنسان الأخير ما هي إلا أسطورة واحدة تتداخل وتتقاطع، ما دام الإنسان في صيغة الجمع واحدا، وفي صيغة المفرد واحدا.
يذكر أن عبداللطيف فردوس أستاذ متقاعد، مارس المسرح منذ سنة 1968 بالنادي الفني المراكشي كوميديا. واشتغل رفقة ورشة إبداع دراما لمدة 20 سنة على مشروع “مسرحة الأشكال الفرجوية في التراث المغربي”. وشغل فردوس عضوية العديد من الهيئات ولجان الدعم والانتقاء للأعمال المسرحية. ويزاوج فردوس بين الإخراج (30 عملا مسرحيا)، والتأليف والإعداد والترجمة (32 نصا أغلبها نشر أو صور للتلفزيون)، إلى جانب تأطير الورشات في المسرح والأفلام القصيرة.
قُدّمت مؤلفات عبداللطيف فردوس كلها على خشبة المسرح، وتم تصوير 7 منها لصالح التلفزيون المغربي، كما قام بإخراج 9 أعمال مسرحية لفرقة النادي الفني المراكشي، ومسرحية واحدة لفرقة الوفاء المراكشية، ومسرحيتين لفرقة مسرح أيوب، وقام بإعداد وإخراج 12 عملا مسرحيا موجها للشباب وللأطفال.
وفضلا عن هذا فإن هذ الكاتب المسرحي له أيضا مساهماته السينمائية نذكر من بينها كتابة حوار وإعادة سيناريو فيلم “امرأة في الظل” لجمال بلمجدوب، وهو مستشار فني للأعمال التلفزيونية والسينمائية التي تقدمها شركة الإنتاج ناسكوم، منها الفيلم السينمائي “الكورصة” لفركوس.
المصدر : العرب